٤٥١. وقال (عليه السلام): الْغِيبَةُ[١] جُهْدُ[٢] الْعَاجزِ.
٤٥٢. وقال (عليه السلام): رُبَّ مَفْتُون بِحُسْنِ الْقَوْلِ فِيهِ[٣].
٤٥٣. وقال (عليه السلام): الدُّنْيَا خُلِقَتْ لِغَيْرِهَا، ولَمْ تُخْلَقْ لِنَفْسِهَا.
٤٥٤. وقال (عليه السلام): إِنَّ لِبَنِي أُمَيَّةَ مِرْوَدَاً يَجْرُونَ فِيهِ، وَلَوْ قَدِ اخْتَلَفُوا فِيَما بَيْنَهُمْ ثُمَّ كَادَتْهُمُ[٤] الضِّبَاعُ لَغَلَبَتْهُمْ.
وَالْمِرْوَدُ هاهنا مفعَل من الارْوَاد، وهو الامهال والانظار، وهذا من أفصح الكلام وأغربه، فكأنه(عليه السلام)شبّه المهلة التي هم فيها بالمضمار الذى يجرون فيه إلى الغاية، فاذا بلغوا مُنقَطَعا انتقضَ نظامُهم بعدها.
٤٥٥. وقال (عليه السلام) في مدح الانَصار: هُمْ وَاللهِ رَبّوا[٥] الاِْسْلاَمَ كَمَا يُرَبَّى الْفَلُوُّ[٦] مَعَ غَنَائِهِمْ[٧] بَأَيْدِيهِمُ السِّبَاطِ[٨] وَأَلْسِنَتِهِمُ السِّلاَطِ[٩].
٤٥٦. وقال (عليه السلام): الْعَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ.
و هذه من الاستعارات العجيبة، كأنه شبّه السّهَ بالوعاء، والعين بالوكاء، فإذا أُطلق الوكاءُ لم ينضبطِ الوعاءُ
و هذا القول في الاشهر الاظهر من كلام النبي(عليه السلام)، وقد رواه قوم لاميرالمؤمنين(عليه السلام)، ذكر ذلك المبرّد في كتاب المقتضب في باب اللفظ بالحروف.
و قد تكلمنا على هذه الاستعارة في كتابنا الموسوم: بمجازات الاثار النبوية.
٤٥٧. وقال (عليه السلام) في كلام له: وَوَلِيَهُمْ وَال فأَقَامَ واسْتَقَامَ، حَتَّى ضَرَبَ الدِّينُ بِجِرَانِهِ[١٠].
٤٥٨. وقال (عليه السلام): يَأتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ عَضُوضٌ[١١]، يَعَضُّ الْمُوسِرُ فِيهِ عَلَى مَا فِي يَدَيْهِ[١٢] وَلَمْ يُؤْمَرْ بِذلِكَ، قَالَ اللهُ سُبْحَانَهُ: (وَلاَ تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)، تَنْهَدُ[١٣] فِيهِ الاَْشْرَارُ، وَتُسْتَذَلُّ الاَْخْيَارُ، ويُبَايعُ الْمُضْطَرُّونَ، وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللهِ(صلى الله عليه وآله وسلم) عَنْ بِيَعِ[١٤] الْمُضْطَرِّينَ.
٤٥٩. وقال (عليه السلام): يَهْلِكُ فِيَّ رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ مُفْرِطٌ، وَبَاهِتٌ[١٥] مُفْتَر[١٦].
وهذا مثل قوله (عليه السلام): هَلَكَ فِي رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ غَال، وَمُبْغِضٌ قَال.
٤٦٠. وسئل(عليه السلام) عن التوحيد والعدل فقال: التَّوْحِيدُ أنْ لا تَتَوَهَّمَهُ[١٧]، وَالْعَدْلُ أَلاَّ تَتَّهِمَهُ[١٨].
٤٦١. وقال (عليه السلام): لاَ خَيْرَ فِي الصَّمْتِ عَنِ الْحُكْمِ، كَمَا أنَّهُ لاَ خَيْرَ فِي الْقَوْلِ بِالْجَهْلِ.
٤٦٢. وقال (عليه السلام) في دعاء استسقى به: اللَّهُمَّ اسْقِنَا ذُلُلَ السَّحَابِ دُونَ صِعَابِهَا.
وهذا من الكلام العجيب الفصاحة، وذلك أنه(عليه السلام) شبّه السحاب ذوات الرُّعود والبوارق والرياح والصواعق بالابل الصّعاب التي تَقْمُصُ[١٩] برحالها[٢٠] وتقِصُّ[٢١] بركبانها، وشبّه السحاب خاليةً من تلك الروائع[٢٢] بالابل الذُّلُلِ التي تُحْتَلَبُ[٢٣] طَيِّعَةً[٢٤] وتُقْتَعَدُ[٢٥] مُسْمِحَةً[٢٦].
٤٦٣. وقيل له (عليه السلام): لو غيَّرتَ شيبك يا أميرالمؤمنين.
فقال(عليه السلام): الْخِضَابُ زِينَةٌ، وَنَحْنُ قَوْمٌ فِي مُصِيبَة!
يريد برسول الله(صلى الله عليه وآله).
[٤٦٤. وقال (عليه السلام): مَا الْـمُجَاهِدُ الشَّهِيدُ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَعْظَمَ أَجْراً مِمَّنْ قَدَرَ فَعَفَّ، لَكَادَ الْعَفِيفُ أَنْ يَكُونَ مَلَكاً مِنَ الْمَلاَئِكَةِ].
٤٦٥. وقال (عليه السلام): الْقَنَاعَةُ مَالٌ لاَيَنْفَدُ.
وقد رَوى بعضُهم هذا الكلام عن النبي(صلى الله عليه وآله).
٤٦٦. وقال (عليه السلام) لزياد بن أبيه. وقد استخلفَهُ لعبد الله بن العباس على فارس وأَعمالها، في كلام طويل كان بينهما، نهاه فيه عن تقدم الخَراج[٢٧] ـ: اسْتَعْمِلِ الْعَدْلَ، وَاحْذَرِ الْعَسْفَ[٢٨] والْحَيْفَ[٢٩]، فَإِنَّ الْعَسْفَ يَعُودُ بِالْجَلاَءِ، وَالْحَيْفَ يَدْعُو إِلَى السَّيْفِ.
٤٦٧. وقال (عليه السلام): أَشَدُّ الذُّنُوبِ مَا اسْتَخَفَّ بِهِ صَاحِبُهُ.
٤٦٨. وقال (عليه السلام): مَا أَخَذَ اللهُ عَلَى أَهْلِ الْجَهْلِ أَنْ يَتَعَلَّمُوا حَتَّى أَخَذَ عَلَى أَهْلِ الْعِلْمِ أَنْ يُعَلِّمُوا.
٤٦٩. وقال (عليه السلام): شَرُّ الاْخْوَانِ مَنْ تُكُلِّفَ لَهُ.
لان التكليف مستلزمٌ للمشقة، وهو شرٌ لازمٌ عن الاخ المتَكلّفِ له، فهو شرُّ الاخوان.
٤٧٠. وقال (عليه السلام): إِذَا احْتَشَمَ الْمُؤْمِنُ أَخَاهُ فَقَدْ فَارَقَهُ.
يقال: حشمه وأحشمه: إذا أغضبه، وقيل: أخجله، واحتشمه: طلب ذلك له، وهو مَظِنّة مفارقته.
وهذا حين انتهاء الغاية بنا إلى قطع المختار من كلام أميرالمؤمنين صلوات الله عليه، حامدين لله سبحانه على ما منّ به من توفيقنا لضمّ ما انتشر من أطرافه وتقريب ما بعد من أقطاره، ومقرّرين العزم ـ كما شرطنا أولاً ـ على تفضيل أوراق من البياض في آخر كلّ باب من الابواب، لتكون لاقتناص الشارد واسْتلحاق الوارد، وما عساه أن يظهر لنا بعد الغموض ويقع إلينا بعد الشذوذ، وما توفيقنا إلاّ بالله عليه توكّلنا وهو حسبنا ونعم الوكيل.