وقال (عليه السلام): مَنْ ضَيَّعَهُ الاْقْرَبُ أُتِيحَ لَهُ الاْبْعَدُ .                
وقال (عليه السلام): اذْكُرُوا انْقِطَاعَ الَّلذَّاتِ، وَبَقَاءَ التَّبِعَاتِ.                
وقال (عليه السلام): إِذَا وَصَلَتْ إِليْكُمْ أَطْرَافُ النِّعَمِ فَلاَ تُنْفِرُوا أَقْصَاهَا بِقِلَّةِ الشُّكْرِ .                
وقال (عليه السلام): يَهْلِكُ فِيَّ رَجُلاَنِ: مُحِبٌّ مُفْرِطٌ، وَبَاهِتٌ مُفْتَر.                
وقال (عليه السلام): قَلِيلٌ مَدُومٌ عَلَيْهِ خَيْرٌ مِنْ كَثِير مَمْلُول مِنْهُ .                
وقال (عليه السلام): ما أَنْقَضَ النَّوْمَ لِعَزَائِمِ الْيَوْمِ.                
وقال (عليه السلام):مَنْ عَظَّمَ صِغَارَ الْمَصَائِبِ ابْتَلاَهُ اللهُ بِكِبَارِهَا.                

Search form

إرسال الی صدیق
نهج البلاغة ودفع الشبهات عنه – الثاني

آية الله العظمى الشيخ هادي كاشف الغطاء

شهادة نفس الكتاب بما يزيل الشك والارتياب:

إذا تلوت كتاب النهج حق تلاوته، وكنت من أهل الذوق والأدب وصيارفة الكلام، كشف لك عن الحقيقة الراهنة، ونطق لديك بالحجة الناصعة، وصرح لك بناصع درره محكم زبره[١]:

أولاً: إنه مما لا مرية فيه ولا ريب أن ما حواه النهج من الكلام قد بلغ من البلاغة والفصاحة أقصى المراتب، وركب منها أعلى ذروة السنام، لا تتفاوت أبعاضه في جزالة الألفاظ، وجلالة المعاني، وبديع الأسلوب، وحسن السبك والانسجام والمتانة والرصانة، فهو كسبيكة من لجين[٢] أفرغها صائغها الحاذق في قالب واحد، قد استوت خوافيه وقوادمه وأوائله وأواخره، قد شَهِد له أهل الذوق والصناعة وأئمة الفن وأدباء كل عصر بكل فضيلة باهرة، ومزية فاضلة، وصفة فائقة، وأنه دون كلام الخالق وفوق كلام المخلوقين، بعد كلام سيد المرسلين ٥، فمن يا ترى يكون أهلاً لهذا الكلام وحقيقاً به، وجديراً بأن ينسب إليه غير الذي ما سنَّ الفصاحة لقريش إلاّه، والذي (ليس في أهل هذه اللغة إلاّ قائل بأن كلامه [هو] أشرف الكلام وأبلغه بعد كلام الله تعالى وكلام نبيه :، وأغزره مادة، وأرفعه أسلوباً، وأجمعه لجلائل المعاني)[٣] ، والذي هو (مُشَرِّع الفصاحة [وموردها]، ومنشأ البلاغة [ومولدها]، منه : ظهر مكنونها، وعنه أخذت قوانينها، وعلى أمثلته[٤] حذا كل قائل خطيب، وبكلامه استعان كل واعظ بليغ، [ومع ذلك] فقد سبق وقصروا، وتقدم وتأخروا؛ لأن كلامه _ الكلام الذي عليه مسحة من العلم الإلهي، وفيه عبقة من الكلام النبوي)[٥].

ذاك الذي التقط الآمدي[٦] من درر كلمه وغرر حكمه[٧] سفراً ضخماً، قال في خطبته: (جمعت يسيراً من قصير حكمه، وقليلاً من خطير كلمه، تخرس البلغاء عن مساجلته، وتبلس[٨] الحكماء عن مشاكلته، و ما أنا في ذلك -علم الله- إلا كالمغترف في البحر بكفه، والمعترف بالتقصير وإن بالغ في وصفه، وكيف لا؟! وهو الشارب من الينبوع النبوي، الحاوي بين جنبيه العلم اللاهوتي، إذ يقول، وقوله الحق، وكلامه الصدق، على ما أدته إلينا الأئمة النَّقَلة: (إن بين جنبي لعلماً جماً لو أصبت له حملة)[٩] ، إلى غير ذلك من كلام ذوي العلم، فلا يليق بعد ما قَدّمنا أن ينسب هذا الكلام أو شيء منه إلى الشريف الرضي وإن بلغ ما بلغ، (وأنّى للرضي وغيره هذا النمط وهذا الأسلوب؟ قال ابن الخشاب[١٠]: وقد وقفنا على رسائل الرضي[١١] وعرفنا طريقته وفنه في الكلام المنثور، وما يقع من هذا الكلام -يعني الخطبة الشقشقية- في خل ولا خمر[١٢][١٣].

قلت: كما أنا قد وقفنا على شيء من رسائله في الكتاب الموسوم بـ(الدرجات الرفيعة)[١٤] ، فألفيناها لا تضاهي ذلك الطراز، ولا تستقل على عدوة ذلك المجاز، ويمكنك أن تستعرض خطبة من (نهج البلاغة) وشيئاً من رسائل الشريف، وتستجلي الديباجتين، وتتذوق الأسلوبين، لترى مباينتها لكلام النهج، ومخالفتها لطريقته وأسلوبه، وتقاصرها عن شأوه، وترى شعار التوليد[١٥] عليه ظاهراً، وأثره فيها بيّناً، على أن الشريف ممن مارس كلام النهج وزاوله، وألف طريقته، وعرف أسلوبه وصياغته، وربما سبر[١٦] في أعماق خواطره فرائد كلمه، وغرر من فقره تزكو بها قريحته، ولكنه مع هذا كله لا يقتدر أن يأتي بمثل كتبه، ولا ببعض عهوده إلاّ ويكون مقاله بالنسبة إلى كلام أمير المؤمنين مهوى الأخمص[١٧] من القمة، وسرة الوادي[١٨] من رأس الذروة، لا يخفى ذلك على ذي خبرة ولا يشتبه على النيقد بأول نظرة.

ثانياً: إن مَهَرة الفن، وصاغة البلاغة، والمشاركين في العلوم والمعارف، إذا سبروا ما في النهج، وتلمسوا غوره[١٩]، عرفوا أنه لا يتيسر إلاّ لذي دهاء في السياسة، وخبرة في الأدب، وعصمة في التقوى، وبراعة في الآداب، وتعمّق في الفلسفة العامة، وإن من انحط عن ذلك المقام العلمي، ولم تتوفر فيه تلك الملكات الكاملة، ليس له من أسباب الطاقة ما يبلغه ذلك المستوى، ومن أين للشريف أو غيره بعض تلك الدرجات العلمية القدسية، وإن من أولئك الذين علموا إن لكلام أمير المؤمنين طاقة قدسية يفيض عنها ويتفجر منها الشيخ الأستاذ محمد عبدة فيما أورده في خطبة شرحه على النهج، نوردها هنا باختصار، فإنها تتضمن تصريحاً بأن كلام أمير المؤمنين بما فيه من علوم ومعارف مبدئها غريزة جبارة، وفطرة سماوية شامخة، لا يستطاع أن يحذى حذوه، أو يؤتى بمثاله:

قال: (أوفى لي حكم القدر بالاطلاع على كتاب (نهج البلاغة) مصادفة[٢٠] بلا تعمل، [أصبته على تغير حال، وتبلبل بال، وتزاحم أشغال، وعطلة من أعمال، فحسبته تسلية، وحيلة للتخلية][٢١] ، فتصفحت بعض صفحاته، وتأمّلت جملاً من عباراته، [من مواضع مختلفات، وموضوعات متفرقات][٢٢] ، فكان يخيّل إلي[٢٣] في كل مقام أن حروباً شبّت، وغارات شنّت، وأن للبلاغة دولة وللفصاحة صولة، [وإن للأوهام عرامة، وللريب دعارة][٢٤] ، وأن جحافل الخطابة وكتائب الذرابة[٢٥] في عقود النظام، وصفوف الانتظام، تنافح بالصفيح[٢٦] الأبلج[٢٧] والقويم الأملج[٢٨]، وتمتلج المهج[٢٩] برواضع الحجج، فتفل من دعارة الوساوس[٣٠]، وتصيب مقاتل الخوانس[٣١]، فما أنا إلاّ والحق منتصر والباطل منكسر، ومَرَج الشك في خمود وهرج الريب في ركود، وأن مُدَبّر تلك الدولة وباسل تلك الصولة، هو حامل لوائها الغالب، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.

بل كنت كلما انتقلت من موضع إلى موضع أحس بتغير المشاهد وتحول المعاهد[٣٢]، فتارة كنت أجدني في عالم يغمره[٣٣] من المعاني أرواح عالية في حلل من العبارات الزاهية، تطوف على النفوس الزاكية، وتدنو من القلوب[٣٤] الصافية، توحي إليها رشادها وتقوم منها مرادها، وتنفر بها عن مداحض المزال[٣٥] إلى جواد الفضل والكمال، وطوراً كانت تتكشف لي الجمل عن وجوه باسرة[٣٦] وأنياب كاشرة[٣٧]، وأرواح في أشباح النمور، ومخالب النسور، قد تحفزت للوثاب، ثم انقضت للاختلاب، فخلبت القلوب عن هواها، وأخذت الخواطر دون مرماها، واغتالت فاسد الأهواء وباطل الآراء.

وأحياناً كنت أشهد عقلاً نورانياً، لا يشبه خلقاً جسدانياً، فصل عن الموكب الإلهي، واتصل بالروح الإنساني، فخلعه عن غاشيات الطبيعة، وسما به إلى الملكوت الأعلى، [ونما به إلى مشهد النور الأجلى][٣٨] ، وسكن به إلى عمار[٣٩] جانب التقديس، بعد استخلاصه من شوائب التلبيس[٤٠]، وآنات[٤١] كأني أسمع خطيب الحكمة ينادي باعلياء الكلمة، وأولياء أمر الأمة، يُعَرّفهم مواقع الصواب، ويبصرهم مواضع الارتياب، ويحذرهم مزالق الاضطراب، ويرشدهم إلى دقائق السياسة، ويهديهم طرق الكياسة، ويرتفع بهم إلى منصات الرئاسة، ويصعدهم شرف التدبير، ويشرف بهم على حسن المصير، ذلك الكتاب الجليل هو جملة ما اختاره السيد الشريف الرضي [رحمه الله] من كلام سيدنا ومولانا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه)[٤٢].

إلى هنا يحصل المقصود من نقل كلام هذا الألمعي البصير، وله بقية حسنة يرجع إليها من أرادها.

ثالثاً: إنا نظرنا في كتاب النهج وتأملناه، فوجدناه متشعب الفنون، مختلف الأنواع، لم يدع غرضاً دينياً إلاّ أصابه، ولا مقصداً عالياً إلاّ جاء به، فأجناسه مختلفة، وأنواعه متشتتة[٤٣]، قد تضمّن الزهد والوعظ والتحذير والتذكير، والحكمة العالية، والعلوم الشريفة الإلهية، والحكم والآداب والأخلاق والسنن والوصايا والنصائح والسياسة والإمارة والحروب والفتن، وقيادة الجيوش، ونظام الأمور، وغير ذلك مما يضمّه ذلك السِفر الجليل الذي جمع ما لم يجمعه كتاب، ولم يحوه مصنَّف، وفي كل الأنواع والمقاصد قد بلغ حد الإعجاز من نوعه، حتى كأن منشأه من المتخصصين فيه والمنقطعين إليه لم يعرف غيره، ولم يمارس سواه. ثم نظرنا بعد ذلك في الخطباء وأهل النثر والشعر وكتّاب الرسائل والعهود والتقاليد، تالدهم وطريفهم[٤٤] على اختلاف طبقاتهم وأعصارهم، فلم نر في كلامهم ما يضاهي ما في النهج أو يدانيه، ولم نر فيهم من برع في سائر فنون الكلام ومقاصده، ولا من خاض في تلك الأنواع المختلفة، ولئن أجاد في نوع فلا يكاد يجيد في غيره، فإذن لا يصلح هذا الكتاب أن يُنسَب إلى شخص واحد منهم، ولا إلى أشخاص متعددين؛ لتباين الناس في الطريقة ومذاهب الكلام وأساليبه، وقد قلنا: إن كلام النهج كله كسبيكة مفرغة، لا تختلف أبعاضه في الطريقة والأسلوب، فهو كلام لا يصح العارف نسبته إلاّ لمتكلم واحد، قد تَحَمّل العلوم الكثيرة، وعرف الأمور الدينية والسياسية، وصارت تلك الصفات من غرائزه وملكاته، حتى صارت تجري على لسانه بلا تكلف، ولا إمعان نظر، وقد جمع أوصافاً لا تكاد تجتمع في غيره، كعلم وسياسة وعبادة وشجاعة وزهادة وإمارة وحكمة وسخاء وغير ذلك من الأوصاف التي تحويها متفرقة أعاظم الرجال وأبطالهم، ولم نجد كما لم يجد غيرنا ممن هو أطول منا باعاً في العلم والخبرة بأحوال الرجال من حوى جميع تلك الصفات المتضادة والأخلاق المتباينة غير أمير المؤمنين ، حتى قيل[٤٥] فيه:

جمعت في صفاتك الأضداد             زاهد حاكم حليم شجاع
شيم ما جمعن في بشر قط    فلهذا عزت لك الأنداد
ناسك فاتك فقير جواد   ولا نال مثلهن العباد

وقد ذكر الشريف الرضي (ص١١) من خطب النهج: (إن من عجائبه التي انفرد بها، وأمن المشاركة فيها، أن كلامه الوارد في الزهد والمواعظ [والتذكير والزواجر][٤٦] إذا تأمّله المتأمل، وخلع من قلبه أنه كلام مثله، ممن عظم قدره ونفذ أمره، [وأحاط بالرقاب ملكه][٤٧] لم يعترضه الشك في أنه من كلام من لا حظ له في غير الزهادة، ولا شُغْل له في غير العبادة، [قد قبع في كسر بيت، أو انقطع إلى سفح جبل، لا يسمع إلاّ حسّه، ولا يرى إلاّ نفسه][٤٨] ، ولا يكاد يوقن بأنه كلام من ينغمس في الحرب مصلتاً سيفه، فيقط[٤٩] الرقاب، ويجدل الأبطال، ويعود به ينطف دماً، ويقطر مهجاً، وهو مع تلك الحال[٥٠] زاهد الزهاد، وبدل الأبدال[٥١]، وهذه من فضائله العجيبة، وخصائصه [اللطيفة][٥٢] التي جمع بها بين الأضداد، وألِف[٥٣] بين الأشتات)[٥٤].

وقــال الشـارح[٥٥] (ص ١٦ ج ل): (كان أمير المؤمنين ذا أخلاق متضادة، منها ما ذكره الرضي رحمه الله وهو موضع التعجب)[٥٦] ، وذكر ما نقلناه عنه، ثم ذكر أموراً أخر نحن نذكرها بإيجاز واختصار:

منها: إن الغالب على ذوي الشجاعة أن يكونوا ذوي أخلاق سبعية، والغالب على أهل الزهادة أن يكونوا ذوي انقباض في الأخلاق، ونفار من الناس، وأمير المؤمنين كان أشجع الناس، وأبعدهم عن ملاذ الدنيا، وأكثرهم وعظاً، وأشدهم اجتهاداً في العبادة، وكان مع ذلك ألطف الناس أخلاقاً، وأسفرهم[٥٧] وجهاً، وأكثرهم بشراً، وأبعدهم عن انقباض موحش، أو خُلُق نافر.

ومنها: إن الغالب على الشرفاء في النَسَب، سيما إذا أضيف إليه الشَّرف من جهات أخرى، أن يكونوا ذوي كبر وتيه[٥٨] وتعظم وتغطرس، وكان أمير المؤمنين أشرف الناس بعد ابن عمه ٥، مع ذلك كان أشد الناس تواضعاً لصغير وكبير، وألينهم عريكة[٥٩]، وأبعدهم عن الكبر.

ومنها: إن الغالب على ذوي الشجاعة وقتل النفوس أن يكونوا قليلي العفو والصفح، وحال أمير المؤمنين في العفو والصفح ومغالبة هوى النفس ظاهر معلوم.

ومنها: إن الشجاع لا يكون جواداً كطلحة[٦٠] والزبير[٦١] وابنه عبد الله[٦٢] وعبد الملك[٦٣]، حتى سمي رشح الحجر، وحال أمير المؤمنين في السخاء والشجاعة لا يخفى على أحد[٦٤].

هذا، والخلاصة أن مَن أحاط بكلام النهج، وعرف مقاصده وفنونه، وما ضمته دفتاه من المعارف والكمالات، وعرف أمير المؤمنين، وعلو شأنه، وما حوته ذاته الشريفة المقدسة، جزم بنسبة كلام النهج إليه، ورآه مظهراً من مظاهر ذلك المتكلم، وممثلاً لشخصيته الغائبة عن العيون، وإني لأقرأه وأراه كمرآة تنطبع لي فيه صورة قائلة على اختلاف الحالات والصفات.

رابعاً: إنا وقفنا على جملة من خطب النهج وكتبه ووصاياه وحكمه مذكورة في مصنفات كتبت قبل زمن الشريف الرضي أو في زمانه، وفي مصنفات كتبت بعد زمان الشريف، ولكن المعلوم من حال الناقل انه لم يعتمد في نقله على ما في النهج، بل اعتمد على مصدر آخر، وهذه الجملة منها ما يوافق ما في النهج، ومنها ما يخالفه في بعض الفقرات والكلمات، وربما زاد على ما نقله السيد شأن الخطب التي ترويها النَقَلة، وتدوّنها الكَتَبَة، وسيأتي إن شاء الله ذكر ما وقفنا عليه مروياً في غير كتاب النهج، وعدم وجود مصدر غير النهج لِما لم نقف له من ذلك غير ضائر ولا قادح، فإن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود، مع انه إذا ثبت البعض أمكن دعوى ثبوت الكل؛ لاتحاد الجميع في النفس والأسلوب كما مر بيان ذلك[٦٥]، وعلى أي حال، فوجود مصدر لتلك الجملة كافٍ لِرَد من ادعى إن كلام النهج كله لغير أمير المؤمنين كالرضي وأخيه المرتضى[٦٦].

خامساً: إن جامع النهج لو بلغ الغاية من الفصاحة والبلاغة، وصارت له اليد الطولى في الوعظ والخطابة وفنون الكلام وأغراضه، بحيث صار ممن يقتدر على إنشاء كلام النهج واختراعه، لَعُد من أكبر الخطباء والوعاظ، وأعظم البلغاء والكتاب، ولنعته أهل العلم والخبرة بأحوال الرجال الذين ترجموا حياته بذلك، ولو قرأت ما كتبوه في شأنه لم ترهم يصفونه بعد العلم وشرف النفس بغير الشعر، وانه اشعر الهاشميين، ولو كانت له هذه الصفة وهذه الملكة لنعت بذلك، ولسارت به الركبان، وظهرت له بعض الخطب والعهود والتقاليد والرسائل مع رواجها في ذلك العصر، وشغف أهله بها. ولأي شيء لم ينسب هذا الكتاب مؤلفه إلى نفسه، ويتفوق به على أبناء جنسه، ويجعله من غرر فضائله، واكبر آثار محامده؟ أترى أن حب علي وولائه قد حتّما عليه أن ينزع هذه الفضيلة عن نفسه، ويخلعها على مولاه، وان ارتكب ذميمة الكذب، واقتحم عقبة الإثم. كلا، فان هذا لو كان السيد ممن لا يتحرج إلى الإثم، وكان أمير المؤمنين خلواً من الفضائل، وصفراً[٦٧] من المناقب، ولم يكن ممن قال فيه من سئل عنه: (وما أقول في من كتم محبوه فضائله خوفاً وتقية، واعداؤه بغضاً وحسداً، وظهر من ذين وذين ما ملأ الخافقين)[٦٨] ، ولم يكن ممن شَهِد له اعداؤه بالفصاحة والبلاغة، وإن كلامه دون كلام الخالق ورسوله وفوق كلام المخلوقين.

إن نسبة هذا الكتاب إلى أمير المؤمنين مما يرفع من قدر الكتاب، ويأخذ بيده، ويزيد في جلالة شأنه، وليس مما يرفع قدر أمير المؤمنين أو يزيد في فضله:

من كان فوق محل الشمس موضعه              فليس يرفعه شيء ولا يضع[٦٩]

سادسا: إن من وقف على مواضع كتاب النهج، وقرأها بإمعان وتدبر، يعرف ما لمؤلفه من التثبت في الرواية، والتحري في النسبة، والتحرز في الإسناد، وانه لا ينسب لشخص ما نسب لغيره إلا بعد التدبر، وترجيح النسبة بالشواهد والدلائل، ومن كان كذلك فهو جدير بأن يُنزّه عن تعمد إدخال أو وضع.

ولرفع كلفة المراجعة أذكر لك أنه في (ص٥١ من طبعة بيروت) يقول: (وهذه الخطبة ربما نسبها مَن لا علم له إلى معاوية، وهي من كلام أمير المؤمنين الذي لا يشك فيه)[٧٠] ، ثم يستشهد لذلك بكلام عمرو بن بحر الجاحظ ويقول فيما يرويه لأمير المؤمنين ويروي ذلك عن رسول الله ٥ وقع ذلك منه مكرراً في الباب الثالث من أبواب النهج، وإذا كان الكلام مروياً بروايتين أشار إلى الرواية الثانية كما في الباب الثاني حيث يقول: (ومن كتاب له [إلى عبد الله بن عباس][٧١] قد تقدم ذكره بخلاف هذه الرواية)[٧٢]. ويقول في الباب الثالث (ص٩٠): (ومن الناس من ينسب هذا الكلام إلى رسول الله ٥ وكذلك الذي قبله)[٧٣]. ويقول أيضاً: (ويروى هذا الكلام عن النبي ، ولا عجب أن يشتبه الكلامان؛ لأن مستقاهما من قليب[٧٤]، ومفرغهما من ذنوب[٧٥])[٧٦]. ويقول في أواخر الباب الثالث: (وهذا القول الثاني في الأظهر الأشهر من كلام النبي ، وقد رواه قوم لأمير المؤمنين)[٧٧]. وقال قبل ذلك (ص١٢٧): (ومن الناس من يروي هذا للرسول، ومما يقوي أنه من كلام أمير المؤمنين ما حكاه ثعلب[٧٨] عن ابن الإعرابي[٧٩])[٨٠]. انتهى.

فالاطلاع على هذا الكتاب يكاد أن يشرف المرء على الإيمان بأن المؤلف خرّيت[٨١] هذه الصناعة، وانه مُبَرّأ عن الشين والانتقاد، وأن تأليفه موضع الثقة والاعتماد.

الوقوف على جميع المصادر التي وقف عليها الشريف الرضي قدس سره

لا مجال لأن يطمع طامع من أبناء عصرنا هذا أن يقف على جميع ما وقف عليه الشريف و أمثاله من أهل عصره من كتب السير والمغازي والتاريخ والأدب وغير ذلك مما يمكن أن يكون مصدراً للنهج:

أولاً: لوجود كتب كثيرة ومؤلفات شتى كانت في عصر الشريف قد أخنى[٨٢] عليها الدهر، وفرقتها يد الأيام أيدي سبأ[٨٣]، فلم يبقى منها إلى عصرنا هذا ولا من المائة واحد، ويتجلى ذلك نيّراً لمن راجع كتب فهارس المصنفات والمصنفين، كـ(فهرست الشيخ الطوسي)[٨٤] ، و(كتاب النجاشي)[٨٥] ، و(معالم العلماء)[٨٦] وغيرها، وقد تهيّأ له من الكتب في عصره ما لم يتهيأ في الغالب لغيره، فقد كان في مكتبة أخيه علم الهدى ما يكاد يتجاوز عشرات الألوف، وكفاك شاهداً أن السيد نفسه صرّح ببعض مصادر كتاب النهج[٨٧] وليس له اليوم عين ولا أثر.

ثانياً: لأن مؤلف النهج لا يروي إلا ما يختاره ويصطفيه، فيختار الأبلغ فالأبلغ، والأفصح فالأفصح، بحسب ذوقه ومعرفته، فربما اختار من الخطبة الطويلة فقرات معدودة وترك الباقي، وربما جمع خطبة واحدة من خطب شتى أو من كلمات متفرقة في مواضع متباينة، وقد صرح بذلك كله في خطبة كتابه، فما كان في النهج من هذا القبيل لا يوقف له على مصدر مطابق. نعم، يمكن للمتتبع أن يقف على فقرات غير متتابعة ولا متتالية كما اتفق لنا الوقوف على ذلك في بعض المواضع من النهج.

عدم وجود المصدر لبعض الخطب:

ولا ينبغي لك أيها الباحث أن تعجب أو تظن الظن السيء لو فحصت الكتب التي بين أيدي أهل العصر عن مصدر لبعض خطب النهج أو كتبه فرجعت صفر اليد إذا كنت خبيرا بما كان في عصر المؤلف من الكتب والمصنفات، وبما جرى عليها، وانه لم يبق منها إلى عصرنا من المائة ولا عشرة، ومن العشرة ولا واحد. نعم، لو كانت مصادر النهج ومآخذه محصورة في كتب محدودة موجودة ثم فحصتها فلم تجد ذلك فيها كان لك حق النقد والطعن، فعدم وجود بعض المروي مرسلاً في النهج في كتب السير والتاريخ التي في الأيدي لا يقدح في شأن الكتاب ولا يحط من قدره.

عدم مطابقة ما يروى في النهج لبعض المصادر الموجودة:

قد ترى ما يُروى في النهج من خطبة أو كتاب مخالفاً لما في الكتب التي في الأيدي في الزيادة والنقصان، أو النظم والترتيب، أو الإيجاز والإطناب، أو غير ذلك، فيعتريك الشك والارتياب، ولكنك بعد النظر والتروي، والوقوف على ما يأتي، تزول عنك الحيرة، وتكون من الأمر على بصيرة.

أولاً: إن الروايات تختلف أشد الاختلاف، ولا سيما في الخطب وأمثالها مما يؤخذ عن حفظ وسماع، كما نشاهد ذلك في ما يرويه أهل السير والتاريخ من الخطب والرسائل في الكتب المتداولة، فترى الجاحظ مثلاً يروي الخطبة على صورة تختلف مع ما يرويه أبو جعفر الطبري[٨٨] وهكذا، وترى السيد نفسه يروي الكلام ثم يذكر له رواية أخرى، ولو أردنا أن نذكر لك الأمثلة لاتسع المجال.

ثانياً: إن أكثر ما يرويه السيد من مصادر لم نقف عليها، وروايات لم تصل إلينا، وما تعارف اليوم بين كتّاب العصر مِن ذِكر المصدر، وتعيين موضع النقل منه، لم يكن متعارفاً في الأزمنة السابقة، وسيما أهل السير ورواة الخطب ومنثور الكلام ومنظومه، بل غاية ما يتفق لهم أنهم ربما اسندوا ما ينقلونه إلى راوٍ خاص، وناقل معين، وأغلب ما يسطره أهل التاريخ مرسل، لا يُعلم من أي مخبرٍ سُمِع، ولا عن أي مصدر أُخِذ، فراجع كتب التاريخ التي بين أيدينا.

ثالثاً: إن لمؤلف النهج طريقة في الاختيار، ومنهاجاً في جمع الكلام، صرّح به في خطبة كتابه، قال: (وإذا جاء من كلامه الخارج في أثناء حوار، أو جواب سؤال، أو غرض آخر من الأغراض في غير الأنحاء التي ذكرتها، وقررت القاعدة عليها، نسبته إلى أليق الأبواب به، وأشدها ملامحة لغرضه، وربما جاء فيما اختاره من ذلك فصول غير متسقة، ومحاسن كلم غير منتظمة؛ لأني أورد النكت واللمع ولا اقصد التتالي والنسق)[٨٩] ، فإذا عرفت منهاج الشريف وطريقته، وعرفت انه لا يروي إلاّ ما يختاره من الخطبة والخطب المتعددة، وانه قد يروي الخطبة قد جمعها من كلمات متشتتة، وفقرات كل فقرة منها في موضع على حدة، فلا تستغرب عدم وقوفك على مصدر لبعض الخطب تُذْكَر فيه بتمامها، ولا عدم موافقة ما يرويه في النهج للمنقول في المصادر التي في الأيدي إلاّ في بعض الفقرات.

رابعاً: لما كان جامع النهج بالمنزلة الرفيعة من العلم والوثاقة والورع والتدين، صح الاعتماد على نقله والأخذ بخبره، ولم نحتج إلى التبيّن في أنبائه، ولم يكن الرجوع إلى غيره عند اختلاف النقل أولى، بل لعل روايته هي الأصح والأرجح؛ لأنه ارفع شأناً من أن يعتمد المراسيل، ويحكم بالشيء من غير دليل، وهو بكلام جَدِّه اعرف، وبه أبصر وأخبر.

المنكرون والمشككون:

الذين أنكروا إن كلام النهج كله من كلام أمير المؤمنين طوائف من الناس، وهذه الطوائف لا تعدو أشخاصاً من المسلمين، وأشخاصاً من المسيحيين والطبيعيين، ولا أهمية للفريقين الأخيرين؛ لأن المسيحيين لا يرون في الغالب إلاّ كتب بعض طوائف المسلمين، فينسجون على منوالهم، ويقتصون آثارهم، وفيهم من يختار ما فيه الوقيعة والتوهين، وإن كان من أقوالهم الواهية، وأما الطبيعيون فيشاركون هؤلاء فيما ذكرناه، وينفردون عنهم بأن شعارهم الجحد[٩٠] والإنكار، والطعن في الكتب المقدسة عند المسلمين ما استطاعوا إلى ذلك سبيلاً، وقد رأيت إن الداعي لإنكاره دون سائر الكتب التي ألّفها المؤلفون وجمعهاً الجامعون من الوقائع والسير والأخبار والأحاديث وغيرها فإنها تتلقى بالقبول، وإن كان الجامع مجهول الحال، غير معروف بالصدق والعدالة، هو أحد أمور كل واحد منها حمل فريقاً من الناس على ذلك:

الأول: ما يوجد في الكتاب مما يتنافى مع مذهب المنكر، ويقدح في عقائده، ولا يمكنه الالتزام به، ولا تأويله، وصرفه عن ظاهره، فلا يسعه إلا الإنكار.

الثاني: أن يكون المنكر مريض القلب، فيَدْعوه مرض قلبه إلى أن يجحد أي مكرمة أو مَحْمَدة تضاف إلى إمام ديني، أو تنسب إلى رئيس روحي.

الثالث: الجهل بمقام من تُنسب إليه مندرجات ذلك الكتاب، وعدم عرفان قدره، وعظم شأنه، فيستبعد المنكر صدور تلك الحِكَم البالغة والخطب الباهرة بديهة وارتجالاً من رجل مقسم القلب، مشتغل بالأمور السياسية والحروب الداخلية.

الرابع: حب الشذوذ والافتتان بالمخالفة قد يكون لأمر سياسي، وقد يكون من الغرائز في بعض النفوس.

الخامس: عدم الوقوف على مصادر ما فيه من الخطب وغيرها، مع عدم معرفة منهاج الشريف الرضي في جمعه ورواياته. وأياً ما كان مثير الإنكار وباعثه فلا يدحض الحجة، ولا يدفع البرهان، وسأوافيك بكلمات المنكرين والشاكين، وأذكر لك حججهم، وما يتطرق إليها من الخَلَل والزَلَل، وأرجو منك أيها الناظر أن لا تقودك عصبية أو جامعة مذهبية إلى ظلم إنصافك ووجدانك، واسترقاق حرية ضميرك. وكان من الممكن أن نختصر ونقتصر ونورد خلاصة حجج المنكرين وأقوالهم، ولكنا تنكبنا هذه الجادة، وأوردنا الحجج والأقوال بنصها وفصها[٩١]، تخلصاً من الشبهة، وابتعاداً عن التُهَم. والله الموفق وعليه الاتكال.

يتبع  ...

-------------------------------------------------------
[١] . الزبور بالفتح: الكتاب، والزبر: الكتابة، وقال البعض: زبرت الكتاب إذا أتقنت كتابته. الصحاح: ج٢، ص٦٦٨؛ تاج العروس: ج٦، ص٤٥٤.
[٢] . اللجين: الفضة، جاء مصغراً، مثل الثريا والكميت. الصحاح: ج٦، ص٢١٩٣.
[٣] . من كلام محمد عبدة في خطبة شرحه على النهج: ج١، ص٦.
[٤] . في الأصل (غراره) والتصحيح من المصدر.
[٥] . من كلام السيد الرضي في خطبة النهج: ٣٤.
[٦] . عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد، أبو الفتح، ناصح الدين التميمي الآمدي، توفي حوالي (٥٥٠هـ)، قاض من أهل ديار بكر، فاضل عالم محدث إمامي شيعي، له علم بالأدب، من كتبه: (الحكم والأحكام من كلام سيد الأنام). معالم العلماء: ١٧؛ الأعلام: ج٤، ص١٧٧.
[٧] . وهو كتابه المسمى: (غرر الحكم ودرر الكلم) يذكر فيه أمثال أمير المؤمنين عليه السلام وحكمه. ينظر: معالم العلماء: ١٧.
[٨] . أبلس من رحمة الله، أي يئس، ومنه سمي إبليس، وفي تاج العروس أبلس: إذا دهش وتحير وسكت فلم يرد جواباً. الصحاح: ج٣، ص٩٠٩؛ تاج العروس: ج٨، ص٢٠٨.
[٩] . ذلك قوله عليه السلام إلى كميل بن زياد، ونص كلامه: (إن هاهنا لعلماً جماً –وأشار بيده إلى صدره- لو أصبت له حَمَلة). نهج البلاغة: ٤٩٦
[١٠] . عبد الله بن أحمد ابن الخشاب (٤٩٢-٥٦٧هـ)، أعلم معاصريه بالعربية، من أهل بغداد مولداً ووفاة، كان عارفاً بعلوم الدين، مطلعاً على شيء من الفلسفة والحساب والهندسة، ... وقف كتبه على أهل العلم قبيل وفاته. من مؤلفاته: (المرتجل في شرح الجمل للزجاجي). الأعلام: ج٤، ص٦٧.
[١١] . وهي (الرسائل والمكاتبات) الدائرة بين أبي إسحاق الصابي والسيد الشريف الرضي محمد بن الحسين بن موسى الموسوي المتوفى (٤٠٦هـ)، وهو المذكور في (فهرست ابن النديم) بعنوان (رسائل الشريف الرضي). الذريعة : ج١٠، ص٢٦٠.
[١٢] . قولهم: (ما عنده خل ولا خمر) مثل يُراد به: ما عنده خير ولا شر. جمهرة الأمثال: ج٢، ص٢٦٦.
[١٣] . ينظر: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج١، ص٢٠٥، وقد نُقِل بتصرف.
[١٤] . الدرجات الرفيعة، في طبقات الإمامية من الشيعة، للسيد صدر الدين علي ابن نظام الدين أحمد المدني الشيرازي، مرتب على اثنتي عشرة طبقة. الذريعة: ج٨، ص٦٠.
[١٥] . رجل مولد، إذا كان عربياً غير محض. تاج العروس: ج٥، ص٣٢٩.
[١٦] . السَبْر: بفتح فسكون، إمتحان غور الجرح وغيره، يقال: سبر الجرح يسبره سبراً، نظر مقداره وقاسه؛ ليعرف غور ه. تاج العروس: ج٦، ص٤٩٠.
[١٧] . الأخمص: ما دخل من باطن القدم فلم يصب الأرض، أو هو ما رق من أسفلها، وتجافى عن الأرض. الصحاح: ج٣، ص١٠٣٨؛ تاج العروس: ج٩، ص٢٧٥.
[١٨] . سرة الوادي: بطنه، أو أفضل مواضعه. القاموس المحيط: ج٢، ص٤٧.
[١٩] . غور كل شيء: قعره. الصحاح: ج٢، ص٧٧٣.
[٢٠] . في الأصل (صدفة)، والتصحيح من المصدر.
[٢١] . الإضافة من المصدر.
[٢٢] . الإضافة من المصدر.
[٢٣] . في الأصل (لي)، والتصحيح من المصدر.
[٢٤] . الإضافة من المصدر.
[٢٥] . أصل الذرابة: حدة نحو السيف والسنات، وتستعار لطلاقة اللسان مع عدم اللكنة،وهذا محمود. تاج العروس: ج١، ص٤٩٨.
[٢٦] . نفحه السيف: تناوله من بعيد، وتنافح: تضارب أشد المضاربة، والصفيحة: السيف العريض. الصحاح: ج١، ص٤١٣؛ شرح محمد عبدة: ج١، ص٣.
[٢٧] . البلوج: الإشراق، والأبلج: اللامع البياض، وكذلك الحق إذا اتضح، يقال: (الحق أبلج، والباطل لجلج). الصحاح: ج١، ص٣٠٠؛ شرح محمد عبدة: ج١، ص٣.
[٢٨] . أصل الإملاج: الإرضاع، وتمتلج: أي تمتص، ويقال: المليج هو الرجل الجليل. الصحاح: ج١، ص٣٤٧؛ تاج العروس: ج٣، ص٤٨٨؛ شرح محمد عبدة: ج١، ص٣.
[٢٩] . المهج هنا: اللبن الرقيق ما لم يتغير طعمه. لسان العرب: ج٤، ص٣٧٩٢.
[٣٠] . في الأصل (الوسواس)، والتصحيح من المصدر.
[٣١] . الخنس: التأخر، ومنها تسمية الشيطان بالخنّاس؛ لأنه يخنس إذا ذُكر الله عز وجل. الصحاح: ج٣، ص٩٢٥-٩٢٦.
[٣٢] . المعهد، والمعهود: الذي عهد وعرف، وعهدته بمكان كذا، أي لقيته. الصحاح: ج٢، ص٥١٦.
[٣٣] . في الأصل (يعمره)، والتصحيح من المصدر.
[٣٤] . في الأصل (النفوس)، والتصحيح من المصدر.
[٣٥] . مداحض المزال: موضع الزلل. الصحاح: ج٤، ص١٧١٧.
[٣٦] . وجوه باسرة: أي عابسة. الصحاح: ج٢، ص٥٩٠؛ شرح محمد عبدة: ج١، ص٤.
[٣٧] . في الأصل (كاسرة)، والتصحيح من المصدر.
[٣٨] . الإضافة من المصدر.
[٣٩] . في الأصل (غمار)، والتصحيح من المصدر.
[٤٠] . التلبيس: الاختلاط. الصحاح: ج٣، ص٩٧٣.
[٤١] . في الأصل (وأنا)، والتصحيح من المصدر.
[٤٢] . مقدمة شرح نهج البلاغة، محمد عبدة: ج١، ص٣-٤.
[٤٣] . في الأصل متشتة.
[٤٤] . التليد: الذي ولد ببلاد العجم ثم حُمل صغيراً فنبت ببلاد الإسلام، والطريف: الكريم من الفتيان، والأطراف: الأشراف. الصحاح: ج٢، ص٤٥٠؛ ج٤، ص١٣٩٣.
[٤٥] . والقائل هو الشاعر صفي الدين عبد العزيز بن سرايا بن علي الحلي، ولد ونشأ في الحلة سنة (٦٧٧هـ-١٢٧٨م)، وتوفي في بغداد سنة (٧٥٠هـ-١٣٤٩م)، وهذه الأبيات من قصيدة مدح فيها أمير المؤمنين عليه السلام عنوانها (سر النبي). الجامع في تاريخ الأدب العربي: ج١، ص١٠٤٩.
[٤٦] . إضافة من المصدر.
[٤٧] . إضافة من المصدر.
[٤٨] . إضافة من المصدر.
[٤٩] . القط: فصل الشيء عرضاً، وفي الحديث: (كان علي عليه السلام إذا اعتلى قد، وإذا اعترض قط). الصحاح: ج٣، ص١١٥٣.
[٥٠] . في الأصل (وهو مع ذلك)، والتصحيح من المصدر.
[٥١] . بدل الشيء، غيره، والأبدال قوم من الصالحين لا تخلوا الدنيا منهم، إذا مات واحد أبدل الله مكانه بآخر. الصحاح: ج٤، ص١٦٣٢.
[٥٢] . إضافة من المصدر.
[٥٣] . في الأصل (ألف بها)، والتصحيح من المصدر.
[٥٤] . مقدمة الشريف الرضي في (نهج البلاغة): ١٢-١٣.
[٥٥] . وهو ابن أبي الحديد شارح النهج، والأرقام المذكورة للجزء والصفحة في نسخة لدى المؤلف تختلف عن التي راجعناها في المصدر.
[٥٦] . شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج١ ص٥٠.
[٥٧] . السفر: بياض النهار، وأسفر وجهه حسناً، أي أشرق. الصحاح: ج٢، ص٦٨٦-٦٨٧.
[٥٨] . التيه: التكبر. الصحاح: ج٦، ص٢٢٢٩.
[٥٩] . العريكة: الطبيعة، وفلان لين العريكة، إذا كان سلساً. الصحاح: ج٤، ص١٦٠٠.
[٦٠] . أبو محمد طلحة بن عبيد الله بن عثمان التيمي القرشي المدني (٢٨ق هـ-٣٦هـ)، صحابي شجاع، وكان شحيحاً، أمسك عن الإنفاق حتى خلف من الأموال ما لا يأتي عليه الحصر، قتل يوم الجمل وهو بجانب عائشة ودفن بالبصرة. ينظر: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج١، ص٥٣ ؛ الأعلام: ج٣، ص٢٢٩.
[٦١] . أبو عبد الله الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي القرشي (٢٨ق هـ-٣٦هـ)، الصحابي الشجاع، كان موسراً، كثير المتاجر، وكان شحيحاً، خلف أملاكاً بيعت بنحو أربعين مليون درهم، قتل غيلة يوم الجمل بوادي السباع على سبعة فراسخ من البصرة. ينظر: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج١، ص٥٢؛ الأعلام: ج٣، ص٤٣.
[٦٢] . أبو بكر عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي (١-٧٣هـ)، فارس قريش في زمنه، وكان أبخل الناس، ولد في المدينة، وقتل في مكة. ينظر: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج١، ص٥٢؛ الأعلام: ج٤، ص٨٧.
[٦٣] . أبو الوليد عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي القرشي (٢٦-٨٦هـ)، من خلفاء بني أمية ودهاتهم، نشأ في المدينة، وتوفي بدمشق، وكان عبد الملك شجاعاً وكان شحيحاً، يضرب به المثل في الشح، وسمي : (رشح الحجر) لبخله. ينظر: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج١، ص٥٣؛ الأعلام: ج٤، ص١٦٥.
[٦٤] . ينظر: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج١ ص٥٠-٥٣.
[٦٥] . راجع: ص من هذا الكتاب.
[٦٦] . علي بن الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن ابراهيم بن الإمام موسى الكاظم ، كنيته: أبو القاسم، لقبه: علم الهدى الأجل المرتضى º، متوحد في علوم كثيرة، مجمع على فضله، مقدم في العلوم، مثل علم الكلام والفقه وأصول الفقه والأدب والنحو والشعر ومعاني الشعر واللغة وغير ذلك، له ديوان شعر يزيد على ألف بيت، وله من التصانيف ومسائل البلدان شيء كثير. الفهرست: ١٦٤.
[٦٧] . الصفر: الخالي، وأصفر الرجل فهو مصفر، أي افتقر. الصحاح: ج٢، ص٧١٥.
[٦٨] . القائل هو الخليل بن أحمد الفراهيدي بما يقرب من هذا المعنى، ونسب مثله إلى الشافعي. ينظر: حلية الأبرار: ج١، ص٢٩٤؛ تنقيح المقال: ج١، ص٤٠٣.
[٦٩] . من قصيدة لأبي الطيب المتنبي، أحمد بن الحسين بن مرة الجعفي الكندي الكوفي، المولود في الكوفة سنة (٣٠٣هـ) في محلة كندة، صحب الأعراب في البادية فعاد إلى الكوفة عربياً صرفاً، رحل إلى بغداد ثم إلى الشام، ومدح سيف الدولة الحمداني في محافل كثيرة، قتل سنة (٣٥٤هـ). وهذه القصيدة قالها بعد معركة (خرشنة) وهي غزوة لسيف الدولة على الروم، كان أولها انتصاراً وآخرها ذلاً وانكساراً، قال في مطلعها: غيري بأكثرِ هذا الناس ينخدعُ ***** إن قاتلوا جَبنوا أو حدّثوا شجعوا . شرح ديوان المتنبي: ج٢، ص٢٣٤؛ الجامع في تاريخ الأدب العربي: ج١، ص٧٨٧.
[٧٠] . شرح محمد عبدة: ج١، ص٧٩.
[٧١] . الإضافة من المصدر.
[٧٢] . شرح محمد عبدة: ج٣، ص١٢٧.
[٧٣] . شرح محمد عبدة: ج٤، ص٢٩.
[٧٤] . القليب: البئر قبل أن تطوى. الصحاح: ج١، ص٢٠٦.
[٧٥] . الذنوب: الدلو الملأى ماء. الصحاح: ج١، ص١٢٩.
[٧٦] . شرح محمد عبدة: ج٤، ص٥٣.
[٧٧] . شرح محمد عبدة: ج٤، ص١٠٧.
[٧٨] . في الأصل (تغلب)، والصواب (ثعلب)، أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد بن سيار النحوي الشيباني بالولاء المعروف بثعلب، إمام الكوفيين في النحو واللغة، سمع ابن الأعرابي... ، وروى عنه الأخفش الأصغر...، وكان ثقة حجة صالحاً مشهوراً بالحفظ وصدق اللهجة والمعرفة بالعربية ورواية الشعر القديم، ولد سنة ٢٠٠هـ، وتوفي سنة ٢٩١هـ ببغداد، من مؤلفاته كتاب (الفصيح). وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: ج١، ص١٠٢.
[٧٩] . أبو عبد الله محمد بن زياد المعروف بابن الاعرابي الكوفي صاحب اللغة، وهو من موالي بني هاشم، كان راوية لأشعار القبائل ناسباً وكان أحد العالمين باللغة المشهورين بمعرفتها، ولد سنة ١٥٠هـ، وتوفي سنة ٢٣١هـ بسر من راى، من تصانيفه كتاب (النوادر). وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان: ج٤، ص٣٠٧. والحكاية هي: (قال المأمون: لولا ان علياً عليه السلام قال أخبر تقله، لقلت أنا أقله تخبر، والمعنى: اختبر الناس وجربهم تبغضهم). شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: ج٢٠، ص٨٠.
[٨٠] . شرح محمد عبدة: ج٤، ص١٠١.
[٨١] . الخرت: ثقب الإبرة والفأس والأذن ونحوها، والجمع خروت، والخريت: الماهر الذي يهتدي لإخراب المفاوز، وهي طرقها الخفيفة ومضايقها، وقيل: أراد أنه يهتدي في مثل ثقب الإبرة. الصحاح: ج١، ص٢٤٨؛ تاج العروس: ج٣، ص٤٤.
[٨٢] . أخنى عليها الدهر، أي أتى عليه وأهلكه.
[٨٣] . قولهم: (ذهبوا أيادي سبأ)، أي متفرقين، شبهوا بأهل سبأ لمّا مزقهم الله في الأرض كل ممزق، فأخذ كل طائفة منهم طريقاً على حدة. تاج العروس: ج١، ص١٧٣؛ مجمع الأمثال: ج١، ص٢٧٥.
[٨٤] . فهرست شيخ الطائفة، وهو أحد الأصول الأربعة الرجالية، للشيخ أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، المتوفى سنة (٤٦٠هـ). الذريعة: ج١٦، ص٣٧٤.
[٨٥] . رجال النجاشي: عمدة الأصول الأربعة الرجالية، نظير الكافي بين الكتب الأربعة للعالم النقاد البصير الشيخ أبي العباس أحمد بن علي بن أحمد النجاشي (٣٧٢-٤٥٠هـ)، وهو أفضل من خط في علم الرجال أو نطق بفم، لا يقاس بسواه ولا يعدل به من عداه، بل قوله المقدم عند المعارضة على غيره من أئمة الرجال. الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ج١٠، ص١٥٥.
[٨٦] . معالم العلماء: في فهرست كتب الشيعة وأسماء المصنفين منهم، للشيخ الإمام رشيد الدين محمد بن علي بن شهرآشوب السروي المازندراني، المتوفى سنة (٥٨٨هـ)، عن عمر مائة سنة إلا عشرة أشهر، جعله تتمة لفهرست شيخ الطائفة، وقد زاد فيه نحوا من ثلاثمائة مصنف، وذكر في آخره بعض شعراء أهل البيت (ع). الذريعة إلى تصانيف الشيعة: ج٢١، ص٢٠١.
[٨٧] . يأتي ذكر المصادر من المؤلف.
[٨٨] . ابن جرير الطبري، محمد بن جرير بن يزيد الطبري، أبو جعفر (٢٢٤-٣١٠هـ)، المؤرخ المفسر الإمام، ولد في آمل طبرستان، واستوطن بغداد وتوفي بها، وعرض عليه القضاء فامتنع، والمظالم فأبى، له: (أخبار الرسل والملوك) يعرف بتاريخ الطبري، و(جامع البيان في تفسير القرآن) يعرف بتفسير الطبري. الأعلام: ج٦، ص٦٩.
[٨٩] . مقدمة الشريف الرضي في كتاب (نهج البلاغة): ٣٥.
[٩٠] . الجحود: الإنكار مع العلم. الصحاح: ج٢، ص٤٥١.
[٩١] . الفص من الأمر: مفصله، أي محزه، وأصله، يقال: هو يأتيك بالأمر من فصه، أي يفصله لك. تاج العروس: ج٩، ص٣٢٣.
****************************